القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا على تلغرام: فجر عدن للاعلام

تخريب ممنهج أم فشل مؤسسي؟ كيف أصبح الجنوب ساحة معاناة والشارع متجه نحو الانفلات



كتب التقرير/ معاذ فيزان 

تعاني محافظات الجنوب من موجة عنف وفوضى متكررة وتدمير ممنهج للبنى التحتية، ما أدّى إلى شلل الخدمات الأساسية وحرمان آلاف المواطنين من أبسط حقوقهم من ماء وكهرباء ورواتب. وفي ظل هذا الواقع المتردّي يتزايد القلق من أن هناك قوى تستهدف جر العاصمة عدن وباقي المناطق الجنوبية إلى مربع العنف والانفلات الأمني، بعيداً عن أي هدف تنموي أو خدمة للمواطن.

تحت هذا السقف، تتراكم اتهامات لسلوك منظّم لبعض الجماعات المسلحة التي نفّذت أكثر من مئة عملية إرهابية ضد القوات الجنوبية، فيما لم تُسجّل، بحسب تقارير محلية، عمليات مماثلة ضد الميليشيا الحوثية التي تُتهم بعمليات مسعورة تستهدف المساجد وتقييد التعليم الديني. هذا التباين يطرح سؤالاً جوهرياً: هل ثمة خلل استراتيجي أو أجندة مدفوعة وراء هذا الاختلال في أهداف العنف؟

خسائر ملموسة ومواطنون محرومون

الضرر لم يقتصر على الخسائر البشرية فحسب؛ بل تحوّل إلى ضرب متعمد لكل البنية التحتية: محطات المياه، شبكات الكهرباء، مؤسسات الدولة والخدمات. قطع الرواتب والمحسومات الطويلة للأجراء والموظفين عمّقت من معاناة الأسر وجعلت شبح الفقر يداهم مزيداً من البيوت. في المقابل، تُخصّص جهود مكثفة للحفاظ على مصالح جهات فاعلة تستفيد من الفراغ الإداري والأمني، بينما المواطن يبقى المتضرر الأول.

مشروع الدولة العميقة: تهمة أم حقيقة؟

يطرح البعض نظرية "الدولة العميقة" كخلفية لما يحدث: مشروع لا يسعى لبناء الدولة أو لخدمة المواطن، بل للعيش على حساب معاناة الفئات الضعيفة واستغلال الفرص السياسية والاقتصادية. سواء كان هذا الاتهام دقيقاً أم مبالغاً فيه، فإن ما هو مؤكد أن الأفعال على الأرض لا تخدم استقرار الجنوب أو رفاه مواطنيه، بل تزيد الانقسام وتعقّد الحلول.

دور المجلس الانتقالي الجنوبي والحاجة لتحرّك عاجل

المجلس الانتقالي الجنوبي يقوم بدور محوري في المشهد السياسي والأمني للجنوب، وقد مثّل هذا الدور نقطة ارتكاز للرد على العديد من التحديات. ومع ذلك، فإن قدرة المجلس وحده لا تكفي لإطفاء بؤر الفوضى أو معالجة جذور الفساد والهدر المؤسسي. لذا يظلّ توجيه الدعوة إلى القيادة السياسية، وبالذات الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، لاستنفار جهود عاجلة أمراً ضرورياً: تحرّك فوري لقطع أذرع الفساد، استعادة السيطرة على مؤسسات الدولة، وإجراءات واضحة لحماية المدنيين واستعادة الخدمات الأساسية.

توصيات عاجلة لمسار الخروج من الأزمة الراهنة:

1. إطلاق تحقيقات مستقلة وسريعة في عمليات التخريب والاعتداءات، مع محاسبة المتورطين دون استثناء وتقديمهم للعادلة.


2. إعادة جدولة وإصلاح أنظمة صرف الرواتب لضمان استلام الموظفين لحقوقهم فوراً.


3. تأمين شبكات المياه والكهرباء كأولوية إنسانية لا تفاوض عليها.


4. تكثيف الجهود الأمنية لقطع الطريق أمام الجماعات التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار، مع المحافظة على حقوق المدنيين.


5. مبادرة سياسية واسعة تشمل جميع الأطراف المحلية والدولية المعنية لإيجاد حلول مستدامة بعيداً عن الانتقائية والأجندات الجزئية.


وفي خاتمة كلامي:
ما يحدث في أرض الوطن اليوم هو انعكاس لمرحلة مفصلية: إما أن نستعيد عمل المؤسسات وسيادة القانون ونبني دولة تخدم المواطن، أو أن يبقى الجنوب فريسة لمشاريع صغيرة وكبرى تعيش على معاناة الناس. إلى الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي والقيادات الفاعلة نقول: الضغوط كبيرة والمعركة صعبة، لكن الشارع يقف معكم طالما أن النوايا واضحة والعمل حقيقي. المسار نحو التحرير والاستقلال لا يتحقق إلا باوحدة الصف الجنوبي، ومحاربة الفساد، والارهاب، وحماية المواطن—وهي مهمة لا تحتمل التأجيل.
أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع