القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا على تلغرام: فجر عدن للاعلام

الإعلامي العسكري "خلدون بادي" يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياة قائد اللواء العاشر صاعقة



*الشهيد العميد "يسري الحوشبي" قاتل قتال الأبطال في ملحمة أسطورية وترك إرثاً عظيماً ومآثر خالدة في الحياة لايمكن نسيانها*

التقاه / محمد مرشد عقابي:

روى الإعلامي العسكري "خلدون بادي الحوشبي" تفاصيل أستشهاد العميد "يسري عبيد حازم الحوشبي" قائد اللواء العاشر صاعقة في مواجهة الجماعات الإرهابية العام بمنطقة شقرة الساحلية بمديرية خنفر محافظة أبين، وقال المتحدث الرسمي بأسم اللواء العاشر صاعقة إن العميد "يسري الحوشبي" كان يقود ملحمة بطولية برفقة نخبة من رجال الحواشب الأشداء، منفذاً إغارة على مواقع وثكنات العدو مكتسحاً مساحات شاسعة من من الأماكن التي كانت تحت سيطرة العدو، نفذ تلك الهجمة بشجاعة وشراسة متناهية يقل نظيرها، وفي المعركة المشهودة التي دارت رحاها في قرن الكلاسي شن العميد "يسري الحوشبي" هجمة بطولية منظمة برفقة أبطال اللواء العاشر صاعقة والمقاومة من ابناء الحواشب الصناديد، وحينها كنت مرافقاً للقائد العميد لحظة بلحظة أقوم بتوثيق هذه الهجمة، حيث تمت السيطرة على أجزاء واسعة ومترامية وتحرير مساحات كبيرة كان يتواجد فيها العدو.

ويضيف : وصل العميد "يسري الحوشبي" إلى آخر معاقل العناصر الإرهابية بعد دحرهم من أماكن كثيرة وحساسة وكان حينها قد بدأ المساء وأشرف على المعركة وقادها ميدانياً واستدعى التعزيزات والذخائر والتغطية والإمداد للقوات مطالباً إياها بالإلتحام معه في مواجهة المليشيات وعناصر الإرهاب، وعند دب الظلام واشتدت وتيرة القتال أنخرط العميد يسري متقدماً بسلاحه نحو مواقع العدو غير آبهاً بما قد يحدث مترجماً شجاعة وإقدام غير مشهود في مواجهة قتالية بشكل مباشر، وبعد ساعات من القتال الشرس تموضع في مترس مع مقاتليه وانا واحد منهم واستمرت المواجهة العنيفة مع العدو منذ وقت العصر حتى تجاوزت الساعة وقت العشاء بشكل متواصل وكثيف.

ويمضي بالقول : لقد قاتل العميد "يسري الحوشبي" قتال الرجال الصناديد الأبطال الذين لايهابون الموت، وظل ثابتاً على موقفه بالدفاع عن قضية الجنوب ضد الغزاة والمعتدين يتقدم رفاقه ويقتحم صفوف العدو وينكل بأدواته الإجرامية، وأستطاع بحنكة وشجاعة متناهية ان يأسر قائد عسكري كبير ومؤثر كان يدير المعركة ويقاتل ضمن صفوف العدو، كما انه استطاع ان يبلور مع عدد من قادة السرايا الأوفياء الشجعان والمحنكين من أمثال "ماجد محمود وعلي القريضي وعبد الصمد باشا" خطة تكتيكية أرهقت العدو وفككت تماسكه وتسببت بإنهيار قواه واعادت في نفس الوقت زمام التحكم والمبادرة ورجحت الكفة لصالح قواتنا الجنوبية، وعند العودة بالحديث عن بداية المعركة فقد بدأ القائد العميد "يسري الحوشبي" بالهجوم مع عدد من الأفراد في مسارين لدفع المجاميع الإرهابية المسلحة التي كانت تتموضع في الإتجاه المقابل بعيداً عن عمق المواجهة، والحمد لله نفذت الخطة بنجاح تام، وكان القائد يواصل القتال وأصر على أفراده أن يواصلوا الهجوم وأن رغم مطالبة البعض له بالإحتماء خلفهم تجنباً لأي إصابة قد يتعرض لها او أستهداف قد يطاله من قبل العدو الذي يعرف بقيمة هذا القائد العظيم، أستمر زحف العميد "يسري الحوشبي" صوب مواقع العدو وظل يندفع بشجاعة وإقدام لتحرير الأرض وتطهيرها من دنس تلك المجاميع وبشموخ حوشبي لا نظير له بين الأمم سار القائد "يسري الحوشبي" رأفعاً الرأس نحو مواقع الجماعات الإرهابية التي كانت تتخذ من الكثبان والأكوام الترابية ملاجئ للإحتماء وتنفيذ عمليات القنص الغادرة بحق القوات الجنوبية، ظل يمشي وأقفاً رافع الهامة عالياً يطلق النار طوال فترة الهجمة وكان كلما تنفد ذخيرته يستبدلها بذخيرة أخرى ويواصل مشواره بالتقدم للقضاء على الفلول المتبقيه والمتخفيه والمختبئة في الأوكار الرملية.

وقال : عند نحو الساعة الثامنة والنصف مساءً وبينما القائد العميد "يسري الحوشبي" يهم بالنهوض ليواصل مشواره في إطلاق النار من خلف تبه إذ برصاصة تخترق رأسه في مشهد لايجيده او يجسده إلا العظماء من البشر، وعلى إثر ذلك حاول زملائه وفي مقدمتهم "علي القريضي وماجد صالح وعبد الصمد الباشا" وغيرهم الأبطال المغاوير والمخلصين حمل القائد المصاب على الأكتاف ومحاولة إسعافه وإنقاذ حياته وهو ما لم يتحقق، حيث تم إيصاله الى احد مشافي العاصمة عدن وهو في وضع حرج ومكث هناك بضعة أيام قبل أن يعلن عن إستشهاده ويخسر الوطن واحداً من خيرة رجاله الشرفاء والعظماء والبواسل.

*ماذا يقول الإعلامي العسكري خلدون بادي عن الشهيد "يسري الحوشبي"*

هو رجل بحجم وطن، وشخصية أستثنائية تمثل روح الجنوبي الحر بكل نقاء وصفاء وشموخ، لكنها شخصية شاركت في صناعة المعجزات ومرت مسرعة كالبرق اللأمع الذي يرسل معه بشارات أكيدة بالنصر، وفي كل مرة يتسلل شيء من الملل إلى نفسي، اجد هذا البطل يلمع كبرق يخطف الأبصار صعوداً إلى السماء لتنهمر سحباً هاطلة وغيثاً كريماً محملاً بالأمل وبالخير كله مصحوباً بأهازيج المجد لتزرع في دواخلنا بذور الخير القادم والثقة بانقشاع السحابة السوداء الى مغارة الفناء الأبدي، لم يكن القائد العميد "يسري الحوشبي" هذا الشاب المشتعل نوراً وجمالاً ونقاء وقوة، القائد الأول بهذه الصفات ولن يكون الأخير فالتربة التي تنبت نخلة كريمة تنبت ألف نخلة بذات الصفات والشموخ والعطاء، إنها أصالة الإنسان وطبيعة الأرض الولادة بكل هذه القامات والهامات الحرة الأبيه التي تبهرنا، وربما نفاجأ بها عندما تغيب عنا قوانين الكفاح في مسار الشعوب، أو نجهل سنن الله في دورات الصعود والهبوط للأمم.

لقد ذهب البطل الهمام "يسري الحوشبي" وغطى رحيله الأفق، وقبل أن تطير سحابة روحه الى ما وراء الغمامة كانت بذور جديدة تنمو وقادة عظام يحضرون في الميدان مستلهمين روح البطل يقودون الكتائب والجموع ويحافظون على الظل والضوء والرأية والنشيد الجنوبي العظيم، إنها قصة كفاح وطن عندما يسقى بالدم ويمهر بالإرادة والتضحيات العظام.

غاب "يسري" عن اللواء العاشر صاعقة فرأيناه متجسداً في شقيقه "رشيد العمري" وقادة وجنوداً مبهرون في مواقع الكرامة وميدان الفداء ومحراب التضحية، لا نعرفهم لكنهم يعرفون أنفسهم والله يعلم بهم، وسنرى القائد الشهيد "يسري" مشتعلاً في رفاق له وتلاميذ نهلوا من نفس المنهل وشربوا من عين وينبوع الحرية، وسنرى الكثير الكثير من نماذج هذا القائد العظيم بين القادة والجنود ينبتون كل يوم وفي كل موقع.

إنه عصر البطولات وتوالد الأبطال يا وطني الجنوب، وما أكثر هذه النماذج التي نراها في استعصاء القوات المسلحة الجنوبية عن المؤامرات الكونية، وفي ملاحمها التاريخية التي لا تروى إلا في عالم الأساطير، نعم إنهم سر الصمود ومذاق الكرامة، ومن يلمع منهم أمامنا يلمع بقدر مكتوب كي يعطي الناس دليلاً للطريق ونموذجاً يقتدى به لتتجدد الأنوار والقوة والمجد على هيئة شباب ورجال يتفننون في صناعة الإعجاز والإنجاز خارج حدود الممكن والمألوف.

ان ضخامة المعركة التي يخوضها شعب الجنوب وقواته المسلحة والأمن، وتراكم الأطماع وكثافة التحديات، تحتاج إلى قوة معجزة لتفتيتها وكسرها، ووحدها مدرسة الشهادة هي من تصنع المعجزات والقدرة على القوة والعزيمة الفولاذية التي تقاوم كل الضغوط مهما تساندت وتداعت وتكسرها وتحطمها بعيداً عن نظرية القوة المتكافئة.

ففي مسار حرية الشعوب تصبح الروح هي القوة الخارقة ونماذج القادة الشهداء تحول كل القادة والمحاربين الى شهداء أحياء وبمعنى آخر إلى قوة خارقة تتجاوز قوانين كمية القوة ولا تلتفت للأهوال ولا تهزها الأعاصير وتثنيها المتغيرات وتمضي واثقة لصناعة المستحيل، ومن يبقى خارج معاني الفداء والتضحيات الوطنية ومدرسة الشهادة وبعيداً عن قوة الروح، لا يدرك كيف يمكن القول بأن استشهاد هؤلاء المبهرين والنخب العظيمة بمثابة فتح مبين وقوة مضاعفة وبشرى تبشر بمرحلة جديدة وروحاً رافعة أكثر قوة وأمتن صلابة.

أستشهد العميد "يسري الحوشبي" في عملية فدائية نادرة في تاريخ الحروب مترجماً قوة خارقة، جاء هذا القائد من منطقة مكيديم بمديرية المسيمير الحواشب محافظة لحج الى ساحة المعركة الجنوبية المصيرية يحمل روحاً وثابة للتضحية ومعبرة عن وطنية المعركة التي يخوض غمارها وعن تاريخ شعب عظيم ضارباً جذور حضارته وأصالته وعراقته في أعماق التاريخ، لذلك يعد هذا القائد الشهيد بذرة لسنابل الغد ومستقبل الوطن، فهو من نجد فيه صورة العلم الجنوبي والشعار الوطني المقدس، وهو من يجسد الفداء لنشيد الجنوب وتضاريسه وطبيعة أراضيه بألوانها الزاهية، وبهذه الروح العظيمة وهذا التنوع المذاب في عشق الوطن والحرية والإستقلال نرى فيك ايها العميد الغائب عن انظارنا اليوم، بوضوح جسارة محمد احمد نجيب ومغامرته، وثورية غالب لبوزة وبيان البيحاني وعلمه، وفلسفة النعمان وخطبه، وكل روح وأدب وشكيمة الرجال الأفذاد، لنؤكد للعالم وللحاضر والمستقبل أن الحواشب لم تعد مساحة جغرافية بل وطن أسمه الجنوب العربي، وعنوان جامع لكرامة الإنسان وتاريخ الأمة ومستقبل أجيال وإرادة شعب يقرن وجوده بإنتزاع حريته واسترداد وطنه.
هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع