القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا على تلغرام: فجر عدن للاعلام

ثوار أدمنوا حب الوطن وأرخصوا لأجله أرواحهم ومايملكون دون مقابل..القائد محمد قاسم أنموذجاً



 

     أنا هنا لا أتحدث عن القادة الذي يعرفهم الجميع، فتاريخهم واضح و معروف، لكنني أتحدث عن قادة لا يحبوا الظهور لكنهم يعملون ليل نهار للوطن ومن أجل الوطن بعيداً عن الأضواء وبعيداً عن عدسات الإعلام.

     القائد محمد قاسم لكمة الدوكي حجر الضالع، لايختلف عليه اثنين في وطنيته وحبه لهذه الأرض، أفرد كثير من وقته وماله وجهده لخدمة هذا الوطن بعيداً عن المن أو التظاهر وبعيداً عن الأضواء، وكان -ولايزال- نافورة تفيض حباً لهذا الوطن.

     عرفته بداية ثورة الحراك السلمي في العام 2007م وطوال عمر هذه الثورة إبان تنظيمنا للمظاهرات والفعاليات كان مشاركاً فاعلاً بماله وجسده، ولم يفوت فعالية أو مليونية في أي محافظة كانت إلا ويشارك فيها. كان منزله بمثابة مقر للثوار يأوونه من كل مناطق حجر وجحاف وغيرها، وبعد أن اشتد الخناق وبدأ الأمن المركزي يرتكب جرائمه بحق الثائرين السلميين في الضالع من قتل واختطافات واعتقالات وغيرها والتي ازدادت مع قدوم المجرم المدعو ضبعان، كان القائد بن قاسم يزداد وطنية وإصرار، وجعل من منزله ليس فقط مقراً للثوار ولكن اشبه إلى غرفة عمليات تدير العمليات الثورية و القتالية ضد قوات ضبعان بقيادة القائد البطل خالد مسعد، معرضاً نفسه وأسرته ومنزله وأعماله للخطر.

     جيّر حينها كل ما يملك في سبيل الدفاع عن الوطن ونصرته وتحريره، ومن ماله الخاص ساهم في شراء الذخائر والأسلحة بمعية القائد خالد مسعد حتى قويت شوكة مقاومة حجر وأصبحت تشكل خطر وتهديد مباشر على قوات ضبعان بتنفيذها عمليات هجومية وكمائن ناجحة في منطقة سناح بعد امتلاكها اسلحة متوسطة إلى جانب الضربات التي كان يوجهها الثوار في المدينة والجليلة والكبار وبلاد الشاعري وغيرها من مناطق الضالع، والتي أقضَّت مضاجع ضبعان وأصابته في مقتل، واستمرت هذه الأعمال القتالية والثورية حتى انتصار الضالع الكبير في حرب 2015م.

      وبعد ان انتصرت الضالع اتجه بن قاسم ليشارك الأبطال في اسقاط قاعدة العند، وبعد طرد المليشيات الحوثية من الجنوب رمى القائد محمد قاسم سلاحه وجعبته وعاد إلى مدنيته وذهب في حال سبيله وراء أعماله الخاصة، لم يبحث عن منصب ولا عن سلطة، ولم يقل قدمت و قدمت،،، وما أن حاولت المليشيات الحوثية أوائل العام الماضي 2019م زحفها الهستيري باتجاه الضالع، نفض بن قاسم الغبار من على جعبته وسلاحه وعاد كما كان بل أكثر سخاءاً وأكثر همةً ونشاطاً وتضحية.

     أذكر بداية المواجهات في العام 2019م عندما أقدمت المليشيات على مهاجمة قرى حجر، وأسقطت باجة وهاجمت بكل شراسة لكمة الدوكي من مختلف المحاور بغية التقدم باتجاه سناح، وقف هذا القائد وأبناء القرية إلى جانبهم بعض اخوانهم من مختلف مناطق الضالع سداً منيعاً وطوداً عظيماً أمام غطرسة هذه المليشيات، وقاتلوا بإمكانياتهم المتاحة وتصدوا لعشرات الهجمات وكانت معارك اسطورية استطاعوا فيها مواجهة الدبابة والمدفع بالبندقية قبل أن يتم تأسيس الوحدات العسكرية الجنوبية والألوية من ألوية الصاعقة والمقاومة.

     وخلال فترة ما يقارب الشهرين من المواجهات كان القائد بن قاسم يدعم ويمون المرابطين في مواقع حبيل الضُبة وماحولها من أبناء المنطقة بالذخيرة والسلاح والزاد من حر ماله، وحول مركباته المدنية إلى أطقم عسكرية تحمل عيارات.

     إسرته الخاصة حينها تحولت إلى أشبة بكتيبة عسكرية تقاتل بكل أفرادها ذكوراً ونساء كلاً من مكانه وموقعه وبكل جد، وكأن الوطن خاصتهم وحدهم: إخوانه وأولاده وأفراد أسرته الذكور كانوا مرابطين في المتارس ليل نهار إلى جانب أهالي المنطقة، أما النساء فكنّ يقمنّ بإعداد الطعام لهؤلاء المقاتلين وسط ظروف حرب استثنائية وعصيبة، حيث كانت المليشيات الحوثية تمطر القرى والمنازل بمختلف أنواع الأسلحة وأجبرت الكثير على النزوح بعد سقوط ضحايا مدنيين ومقاومين وحتى نساء وأطفال، إلا أن القائد وأسرته رفضوا النزوح وظل هو يزود المقاتلين بالذخيرة والسلاح ويرابط إلى جانبهم وحرائره في المنزل تزودهم بالطعام لأكثر من شهرين حتى ترتبت أوضاع الجبهة بتشكيل الوحدات ومجيئ دعم الأشقاء في التحالف العربي.

      ظل أيضاً يرابط مع أفراد اسرته الذكور حتى تم تحرير باجة وطرد المليشيات إلى مابعد مدينة الفاخر في معركة الـ 8 من اكتوبر من العام الماضي، ولايزال هو ورجاله حتى يومنا هذا في مقدمة الصفوف ضمن قوات اللواء الأول مقاومة جنوبية، وما إن يكون هناك هجوم أو تصدٍ لاترى القائد بن قاسم ورجاله إلا في مقدمة الصفوف مدافعاً كان أو مهاجماً رغم إصابته في أحداث مريس مؤخراً عند مرافته للقائد أحمد قائد القُبَة.

     أدون هذا التاريخ كبراءة ذمة وكشاهد عيان لما قدمه هذا الرجل للضالع وللجنوب، وهو نموذج من مئات بل آلآف الوطنيين ممن يستحقون الإحترام لمواقفهم الوطنية الخالدة والنبيلة، والتي لاشك أن مثل هكذا مواقف لابد أن تدرس في كتب التاريخ حتى يعي أجيالنا حجم التضحيات والفداء الذي قدمه آبائهم من أجل هذا الوطن، كما أتمنى من قيادتنا السياسية في المجلس الإنتقالي أن تكرم مثل هذه الهامات لدورهم الوطني الكبير في الدفاع عن الجنوب، فهم زعماء حقاً ويستحقوا منا التكريم والإحترام.

 
هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع