القائمة الرئيسية

الصفحات

تابعنا على تلغرام: فجر عدن للاعلام

رئيس التحرير: حرب الكلمة والمعلومة ضد الجنوب.. حرب لا تُطلق فيها الرصاص بل تُزرع فيها الشكوك في العقول والقلوب

الحرب الإعلامية ضد الجنوب.. حملة تضليل ممنهجة


كتبه رئيس التحرير في تقرير خاص


تشهد الساحة الإعلامية في الآونة الأخيرة تصعيدًا خطيرًا في الحملات المضللة التي تقودها الأبواق الإخوانية ، في مسعى واضح لضرب استقرار الجنوب واستهداف قياداته السياسية والعسكرية.

ولم تعد هذه الحملات مجرد آراء متطرفة على مواقع التواصل، بل أصبحت مشروعًا منظمًا، تديره غرف إعلامية متخصصة في صناعة الفوضى، بهدف تقويض حالة التماسك التي يعيشها الجنوب، وإحداث شرخ في العلاقة بين المواطن وقيادته الشرعية.

وتستغل هذه المنصات كل حدث أو واقعة لتُلبسها ثوبًا مزيفًا يخدم أجندتها، فتصنع الأكاذيب وتعيد تدوير الشائعات في قوالب إعلامية متقنة لتبدو وكأنها حقائق. 

وبينما يدرك المواطن الجنوبي حجم الاستهداف الذي يتعرض له، لا تزال هذه الأبواق تحاول خلق رواية موازية للواقع، تحرف فيها الوقائع، وتُشوه الرموز الوطنية، وتستثمر في أوجاع الناس ومعاناتهم لتحقيق أهداف سياسية ضيقة.

مشروع الفوضى وبث الانقسام

ولا تسعى هذه الحملات إلى نقل الحقيقة أو خدمة الصالح العام، بل تُدار ضمن مشروع مدروس لصناعة الفوضى وإرباك المشهد الجنوبي. و الهدف منها واضح: ضرب النسيج الاجتماعي، وإثارة الشكوك بين المواطنين وقيادتهم، عبر تكرار الأكاذيب وتضخيم الخلافات وتزوير التصريحات، فكلما اقترب الجنوب من تحقيق خطوة إيجابية في مسار استقراره، تعود هذه الحملات لتنفخ في نار الفتنة، محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

ولأن الإخوان فشلوا سياسيًا وعسكريًا في السيطرة على الجنوب، لجأوا إلى حرب من نوع آخر؛ حرب الكلمة والصورة والمعلومة، تلك الحرب التي لا تُطلق فيها الرصاص، بل تُزرع فيها الشكوك في العقول والقلوب، لتُحدث الانقسام وتضرب الثقة بالقيادة، وتخلق بيئة من الضباب والتشويش تصعب فيها رؤية الحقائق.

أدوات التضليل ووسائل البروباغندا

وتعمل هذه الأبواق عبر شبكة واسعة من الأدوات الإعلامية الممولة والموجهة، تشمل مواقع إلكترونية وصفحات وهمية على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية، إضافة إلى حسابات تدّعي الحياد لكنها تُدار من غرف عمليات مرتبطة بأجهزة استخبارات معادية للمشروع الجنوبي.

و تبدأ الحملة عادة بخبر مفبرك أو مقطع فيديو مجتزأ من سياقه، ثم تتلقفه عشرات الحسابات لتعيد نشره بصيغ مختلفة، في عملية تضليل ممنهجة تُعيد إنتاج الكذبة حتى يظن العامة أنها حقيقة.

والأخطر في هذه الأدوات أنها لا تكتفي بالتزييف، بل تزرع رسائل نفسية مقصودة لإضعاف الروح المعنوية لدى المواطنين، مثل الترويج لفشل القيادة أو تصوير الجنوب وكأنه يعيش فوضى شاملة، وهي رسائل تُبنى على نصف الحقيقة، وتُقدَّم في إطار عاطفي يُثير الغضب، ما يجعلها أكثر تأثيرًا وانتشارًا.

استهداف الرموز الوطنية والمجلس الانتقالي

وتُركّز هذه الحملات على تشويه الرموز الوطنية الجنوبية، عبر إطلاق اتهامات باطلة، وترويج قصص وهمية تهدف إلى الإساءة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي وقياداته السياسية والعسكرية، والهدف من وراء ذلك هو إسقاط رمزية المشروع الوطني الجنوبي في الوعي الشعبي، وإضعاف ثقته بقيادته، لتفريغ الساحة أمام قوى معادية تتربص بالجنوب.

وقد لاحظ الراصدون أن وتيرة هذه الحملات ترتفع كلما حقق الجنوب تقدمًا في مسار تثبيت الأمن أو تعزيز مؤسسات الدولة، ما يدل على أنها ليست ردود أفعال عفوية، بل أعمال مدروسة ضمن استراتيجية شاملة لإرباك الإنجازات وتقويض الثقة العامة.

مخطط لإضعاف الجنوب

وفي جوهرها، تمثل هذه الحرب الإعلامية جزءًا من مشروع أكبر يهدف إلى إضعاف الموقف الجنوبي وتشويه صورته أمام الداخل والخارج، فالممولون لهذه الحملات يدركون أن الجنوب اليوم بات رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية والعسكرية، لذلك يسعون إلى ضربه من الداخل بعد أن فشلوا في مواجهته ميدانيًا.

و يُراد من هذه الأكاذيب أن تزرع الشكوك في صفوف الجنوبيين، وأن تزرع الفتنة بين أبناء القضية الواحدة، ليتحول الجهد الوطني إلى صراع داخلي يستهلك الطاقات ويُضعف الجبهة الموحدة، غير أن الوعي الشعبي المتزايد، وارتفاع مستوى الإدراك بخطورة هذه الحرب، جعلا الكثير من تلك الحملات تفشل قبل أن تحقق أهدافها.

الجنوب يواجه حربًا جديدة

و إن ما يعيشه الجنوب اليوم ليس حربًا عسكرية فحسب، بل حرب إعلامية لا تقل شراسة، حرب تُستخدم فيها كل الوسائل الممكنة: من الشائعات والمقاطع المفبركة إلى التحليلات المسمومة التي تتخفى خلف شعارات الحرية والرأي.

وتستهدف هذه الحرب العقل الجنوبي، وتسعى لزعزعة يقين المواطن بعدالة قضيته، وبمشروعه الوطني الجامع الذي يمثله المجلس الانتقالي الجنوبي.

ورغم كل ذلك، أثبت الجنوب بوعيه السياسي وصلابته أنه قادر على مواجهة هذه الموجة من التضليل، وأن مشروعه الوطني أقوى من الأكاذيب، وأكثر رسوخًا من الحملات التي تُدار من وراء الشاشات، فالتاريخ علّم الجنوبيين أن الكلمة الصادقة والموقف الثابت أقوى من آلاف الحسابات الوهمية.

ختامًا، ما يجري اليوم هو معركة وعي قبل أن تكون معركة إعلام، ومعركة انتماء قبل أن تكون معركة رأي، الجنوب يخوضها بثقة، ويدرك أن خصومه فقدوا كل أدوات التأثير الحقيقي فلجأوا إلى الأكاذيب والشائعات، لكنّ الحقيقة تبقى واضحة: الجنوب بمشروعه الوطني وقيادته الواعية يسير نحو تثبيت مؤسساته، بينما خصومه يزدادون ارتباكًا كلما اتسعت دائرة الوعي الشعبي. مواجهة بين مشروع بناء ومشروع فوضى، بين من يصنع المستقبل ومن يعيش على الأكاذيب، وفي النهاية، لا يصمد في وجه الحقيقة إلا من يملكها، والجنوب اليوم يملكها كاملة.
أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع