جاء وصول وفد سعودي وآخر عماني وإجراء مراسيم استقبال ومحادثات مع الحوثيين في صنعاء، في زيارة نادرة للعاصمة الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي المتحالفين مع إيران... في إطار مسعى جديد لإحياء عملية السلام في اليمن بعد التقارب الأخير بين الرياض وطهران.
غير أن البعض بالغ في قراءة ما يمكن أن تسفر هذه الزيارة، وكأنها لـ " التفاوض مع المسؤولين في جماعة الحوثي بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل دائم وإنهاء تدخل الرياض عسكريا في الحرب المستمرة منذ وقت طويل".
وبالغت وسائل إعلام الحوثيين حين أظهرت صورة نشرتها الأحد (التاسع من إبريل 2023) السفير السعودي محمد آل جابر وهو يصافح رئيس المجلس السياسي لجماعة الحوثيين في صنعاء مهدي المشاط، وأخرى وهما يتوسطان الوفد السعودي ووفدا عمانيا يقود الوساطة بين الجانبين ومسؤولين حوثيين.
لكن وبحسب دبلوماسي يمني في الخليج، فإنّ الوفد السعودي يزور صنعاء "لمناقشة المضي قدما في صناعة السلام في اليمن". وهي عبارة مطاطية وشعاراتية للاستهلاك الإعلامي ليس إلا.
ومع ذلك تشير الزيارة إلى إحراز تقدم ملموس في مشاورات تجري منذ سنوات بوساطة عمانية بين الرياض وصنعاء وبالتوازي مع جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة . واكتسبت جهود السلام قوة دافعة أيضا بعدما اتفقت السعودية وإيران على استئناف العلاقات بموجب اتفاق بوساطة صينية.
الأنباء الواردة من صنعاء والهجوم السافر والخالي من كل الأعراف السياسية والدبلوماسية والأخلاقية الذي شنته قناة المسيرة الحوثية أكدت عن الاختلافات العميقة والجوهرية بين السفير السعودي والوفد المرافق له من جهة وبين ممثلي الحوثيين من جهة أخرى حول تفاصيل لم تتضح بعد، لكن هذه الاختلافات "تبين أن جماعة الحوثي المتطرفة لا تعرف المساومة ولن تتنازل عن عقلية المنتصر الذي يعتقد أنه جاء بخصمه مكرهاً إلى عقر داره وإجباره على التوقيع على ما يريده هو وجماعته وليس على ما يحقق السلام ويخفف من معاناة اليمنيين وينقل البلاد واهلها نحو رحاب الاستقرار والتنمية والعيش الكريم للناس الذين انهكتهم ودمرت حياتهم سياسات التهور والطيش والمغامرات والأيديولوجيا العنصرية والسلالية المقيتة"...بحسب الزميل الدكتور عيدروس النقيب.
الخلاصة أن هذه الزيارة كانت محاولة سعودية جريئة لاختراف جدار التضليل الذي مارسه الحوثيون مع الشعب في الشمال ووهم "محاربة أمريكا واسرائيل والسعودية والامارات"...الخ، وتجويع وقمع هذا الشعب تحت ذرائع "مواجهة دول العدوان".
وامام الموقف المتعنت والأحمق للحوثيين تكون السعودية قد سجلت هدفا ذهبيا لصالحها في مرمى الحوثيين.
اقصى ما أمكن التوصل هو اعلان برنامج تبادل الاسرى والمخطوفين ومعظمهم من المدنيين وعلى مراحل مع تأجيل العدد آخر حتى مرحلة قادمة...وحتى هذا الانجاز هو ثمرة جهود طويلة لمنظمات دولية وحقيقية.
قد تسهم هذه الزيارة أيضا في إعادة النظر بانشطة الموانيء والمطارات ... الخ وبما يخفف من أعباء تكلفة الحرب وآثارها على عامة الناس