ففي واقعة مفزعة، عُثِر على جثث فتيات مجهولات الهوية، تعرّضن للتقطيع والتشويه، وذلك في إحدى المزارع الواقعة بمدينة صنعاء القديمة، في محافظة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية.
ووفق روايات شهود عيان، فقد تم تقطيع جثامين الفتيات وفصل رؤوسهن عن أجسادهن، ودفنها في إحدى مزارع المنطقة.
وإزاء حالة الغضب المتفاقمة، مارست مليشيا الحوثي حالة من التكتم على الحادثة، ومنعت سكان الحي من الاقتراب من موقع الجريمة أو تصويره.
وفي مؤشر على حجم التواطؤ، لم تتخذ المليشيات الحوثية أي إجراءات جادة للكشف عن الجناة أو تقديمهم للمحاسبة.
تنضم هذه الواقعة المروعة إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات البشعة التي تضرب مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، فهذه المناطق لا تسود الدولة ولا يحكم النظام بل تُدار الحياة اليومية على وقع فوضى منظمة تغذيها المليشيا عمدًا، لتكون أداة قمع وتحكم خفي بالمجتمع.
فالمليشيات التي تدّعي محاربة الجريمة، تُغض الطرف عن تحركات العصابات المسلحة، بل وتوفر لها الحماية أحيانًا، بهدف زعزعة النسيج المجتمعي، وإبقاء السكان في حالة خوف دائم.
تشهد محافظات كصنعاء وإب والحديدة وذمار تصاعدًا في معدلات الجريمة المنظمة، من سرقات بالإكراه واعتداءات مسلحة، إلى اتساع جرائم المخدرات وتجارة السلاح.
هذه الجرائم لا تُقابل بردع حقيقي من أجهزة "الأمن الحوثي"، بل يتم تجاهلها إذا لم تتقاطع مع مصالح المليشيات، أو تُستخدم كورقة ابتزاز سياسي واجتماعي.
ويعتمد الحوثيون في استراتيجيتهم على تمييع سلطة القانون، واستبدالها بسلطة المشرفين، حيث تُحلّ النزاعات وفق الولاءات والانتماء الطائفي، لا وفق القضاء أو العدالة، كما أن السجون باتت مأوى مؤقتًا للمجرمين المرتبطين بالمليشيات، إذ يُفرج عنهم سرًا بعد استخدامها كأدوات ترهيب في المجتمع.
وتستفيد المليشيات من هذه الفوضى في ترسيخ حالة الاستنزاف الداخلي، وتشتيت أي بوادر مقاومة شعبية. فحين ينشغل المواطن بالخوف على حياته اليومية، يصبح أقل قدرة على التفكير في رفض الانقلاب أو مقاومة الاستبداد.
الفوضى المتعمدة في مناطق الحوثيين ليست عرضًا عابرًا، بل سياسة ممنهجة لإغراق المجتمع في دوامة الانفلات، في الوقت الذي تترسخ فيه قبضة المليشيات على المؤسسات المنهوبة وتُفرض قوانينها بقوة السلاح لا الشرعية.