من حيث المبدأ لا يوجد أي اعتراف أو تعامل رسمي روسي مع الحوثيين.
روسيا أيدت كل قرارات مجلس الأمن الدولي حول الحوثيين وتعترف بالسلطة الشرعية سواء كان في عهد الرئيس هادي أم في عهد مجلس القيادة الرئاسي.
لكن ما دفعني لطرح ومناقشة هذا السؤال هي الأنباء التي تحدثت مؤخرا
عن تراجع روسيا تسليم شحنة أسلحة للحوثيين.
وفقا لقناة CNN كانت روسيا تستعد لتسليم صواريخ ومعدات عسكرية للمتمردين الحوثيين في اليمن أواخر الشهر الماضي (يوليو)، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة جراء جهود جرت وراء الكواليس من جانب الولايات المتحدة والسعودية لاقناع روسيا بوقفها.
ولم يصدر حتى الآن أي تعليق عن هذا النبأ لا من الرياض ولا من موسكو.
فإذا ما صح خبر نية روسيا تقديم اسلحة نوعية حديثة للحوثيين،ولو من باب تصفية الحسابات مع الأمريكان...فذلك يتناقض مع الموقف الروسي المعلن عن دعم تسوية سلمية دائمة في اليمن.
وأغلب الاحتمالات أن الروس لن يدعموا الحوثيين بأي أسلحة نوعية حديثة، لإنهم لا يثقون بهم ولا حتى بايران نفسها رغم التعاون القائم بين الدولتين في مواجهة العقوبات الغربية.
ولن تذهب روسيا بعيدا في تعاونها مع إيران او مع الحوثيين على حساب علاقاتها التي أصبحت قوية مع السعودية والإمارات.
وحتى حينما أدانت الدبلوماسية الروسية، الولايات المتحدة وبريطانيا، ليس فقط بسبب الهجمات على الحوثيين "باعتبارها غير مصرح بها من مجلس الامن على اليمن" في ذاتها؛ بل لأن ذلك في نظر روسيا يؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة برمتها.
ومن ناحية أخرى فإن انخراط الحوثيين في هذا النوع من صفقات الأسلحة من شأنه أن يثبت للجميع وبالدليل القاطع عدم التزامهم بمحادثات السلام.
وانهم أبعد ما يكونون عن الالتزام بأي اتفاقات أو فرص للسلام.
ينظر الروس من ناحية أخرى إلى تسليح الحوثيين باسلحة دفاعية وتقديم المشورة لهم كوسيلة للانتقام من إدارة جو بايدن لقرارها بالسماح لأوكرانيا بضرب أهداف داخل الأراضي الروسية باستخدام الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة.
خلاصة الكلام:
تسعى روسيا إلى تعزيز مكانتها في الشرق الأوسط مؤخرا، ولها علاقات متنامية مع إيران، الراعي الرئيسي للحوثيين...لكن تطور مواقفها يرتبط بمصالحها الحيوية أولا وبتطورات الحروب الأخرى في أوكرانيا والشرق الأوسط وبالعلاقات مع الولايات المتحدة سلبا وايجابا.
*باحث ومحلل سياسي وعسكري